responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلميه نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 202
وَرِزْقٍ دَارٍّ. وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «مَثَلُ الَّذِي يَعْمَلُ وَيَحْتَسِبُ فِي صَنْعَتِهِ الْخَيْرَ، كَمَثَلِ أَمِّ مُوسَى تُرْضِعُ وَلَدَهَا وَتَأْخُذُ أَجْرَهَا» وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ الشِّدَّةِ وَالْفَرَجِ إِلَّا الْقَلِيلُ يَوْمٌ وليلة أو نحوه، والله أعلم، فسبحان من بيده الْأَمْرُ، مَا شَاءَ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، الَّذِي يَجْعَلُ لِمَنِ اتَّقَاهُ بَعْدَ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا وَبَعْدَ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها أَيْ بِهِ وَلا تَحْزَنَ أَيْ عَلَيْهِ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ أَيْ فِيمَا وَعَدَهَا مِنْ رَدِّهِ إِلَيْهَا وَجَعْلِهِ مِنَ الْمُرْسَلِينَ، فَحِينَئِذٍ تَحَقَّقَتْ بِرَدِّهِ إِلَيْهَا أَنَّهُ كَائِنٌ مِنْهُ رَسُولٌ مِنَ الْمُرْسَلِينَ، فَعَامَلَتْهُ فِي تَرْبِيَتِهِ ما ينبغي له طبعا وشرعا. وقوله تعالى: وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَيْ حُكْمَ اللَّهِ فِي أَفْعَالِهِ وَعَوَاقِبَهَا الْمَحْمُودَةَ الَّتِي هُوَ الْمَحْمُودُ عَلَيْهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَرُبَّمَا يَقَعُ الْأَمْرُ كَرِيهًا إِلَى النُّفُوسِ وَعَاقِبَتُهُ مَحْمُودَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ [الْبَقَرَةِ: 216] وَقَالَ تَعَالَى: فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً [النساء: 19] .

[سورة القصص (28) : الآيات 14 الى 17]
وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14) وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ قالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (15) قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16) قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ (17)
لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى مَبْدَأَ أَمْرِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، ذَكَرَ أَنَّهُ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى، آتَاهُ اللَّهُ حُكْمًا وَعِلْمًا. قَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي النُّبُوَّةَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى سبب وصوله إلى ما كان تعالى قدره له من النبوة والتكليم في قَضِيَّةَ قَتْلِهِ ذَلِكَ الْقِبْطِيِّ الَّذِي كَانَ سَبَبَ خُرُوجِهِ مِنْ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ إِلَى بِلَادِ مَدْيَنَ، فَقَالَ تَعَالَى: وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَذَلِكَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.
وَقَالَ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ ذَلِكَ نِصْفَ النهار [1] ، وكذا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةُ والسُّدِّيُّ وَقَتَادَةُ فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ أَيْ يَتَضَارَبَانِ وَيَتَنَازَعَانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ أي إسرائيلي وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ أَيْ قِبْطِيٌّ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَالسَّدِّيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، فَاسْتَغَاثَ الإسرائيلي بموسى عليه السلام، فوجد مُوسَى فُرْصَةً وَهِيَ غَفْلَةُ النَّاسِ، فَعَمَدَ إِلَى الْقِبْطِيِّ فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ قَالَ مُجَاهِدٌ: فوكزه أَيْ طَعَنَهُ بِجَمْعِ كَفِّهِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: وَكَزَهُ بِعَصًا كَانَتْ مَعَهُ، فَقَضَى عَلَيْهِ، أَيْ كَانَ فِيهَا حَتْفُهُ فَمَاتَ قالَ مُوسَى هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَ

[1] انظر تفسير الطبري 10/ 43.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلميه نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 202
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست